سورة الزمر - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الزمر)


        


الطاغوت: الطاغي المعتدي وكل رأسٍ في الضلال، وكل ما عُبد من دون الله. فسلكه: فأدخله. مختفا ألوانه: مختلفا انواعه. يهيج: يجفّ ويبلغ نهايته. حطاما: فُتاتا مثل التبن.
بعد أن ذكر وعيده لعَبَدة الأصنام، بيّن هنا ما أعده للذين آمنوا واجتنبوا ذلك وأنابوا إلى الله ورجعوا اليه. هؤلاء لهم البشارةُ العظيمة من الله، فبشرّ أيها الرسول عبادي الذين يستمعون القول، فيتّبعون أحسنه وأهداه- بأنهم هم الذين وفقهم الله للرشاد، وهم أًحاب العقول المدركة النيّرة.
ثم بيّ الذين انحرفوا فحقّت عليهم كلمةُ العذاب. ويخاطب بذلك رسوله الكريم فيقول: {أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النار؟} ليس يمكنك ان تنقذ هؤلاء الذين كفروا ووجبت عليهم النار.
ثم كرر القول في الذين آمنوا واتقوا، عنايةً بأمرهم، فقال: {لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ....}
سيكون لهم في أعالي الجنان غرف مبنيّة بأحسن طراز، بعضُها فوق بعض، تجري من تحتها الأنهار. هذا وعد من الله، والله لا يخلف وعده.
وبعد ذلك اعقب بذكر صفات الدنيا وأنهار زائلة مهما طال عمر الإنسان فيها، تحذيراً من الاغترار بما فيها من متعة، فمثّل حالها بحال نباتٍ يُسقى بماء المطر فيخرج به زرعٌ مختلف الأصناف والانواع والالوان. بعد ذلك يجفّ الزرع ويصير حطاماً يابسا، فما اسرع زواله!.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لأُوْلِي الألباب}
ان في هذا الذي بينّاه لَذكرى لأصحاب العقول المدركة فلا تغتروا بها وببهجتها.


شرح الله صدره: اناره بالاسلام وجعله مطمئنا. فهو على نور: على هدى وبصيرة. للقاسية قلوبهم: الجامدة المظلمة التي لا تلين. احسن الحديث: القرآن. متشابها: متناسقا، يشبه بعضه بعضا في نَسَقه واسلوبه. مثاني: جمع مثنى: يتكرر المعنى بعدة اساليب تقشعرّ: تخشع وترتعد من الرهبة. تلين جلودُهم: تطمئن.
هل كان الناس سواه؟ أفمن دخل نورُ الإسلام قلبه وهداه الله فهو على بصيرة من ربه كمن أعرض عن ذكر الله، وطُبع على قلبه! ويلٌ لمن قسَت قلوبهم عن ذكر الله، {أولئك فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ} وشتّان بين الفئتين.
الله نزل احسن الحديث كتاباً متناسقا لا اختلاف في معانيه والفاظه، وهو في الذروة في الإعجاز والمواعظ والأحكام، تكرر مقاطعه وققصه وتوجيهاته ومشاهدة، ولكنها لا تختلف ولا تتعارض، بل تُعاد في تناسق على أصول ثابتة متشابهة لا ولا تصادم فيها. فاذا تليت آياته اقشعرّت جلود الذين يخشَون ربهم، ووجلت قلوبهم، ثم تلين جلودهم، وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله، ذلك الكتاب هدى الله يهدي به من يشاء، ومن يضلله الله فليس له من يهديه.
{أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سواء العذاب يَوْمَ القيامة....} لأن يده مغلولةٌ إلى عنقه، كمن هو آمن لا يعتريه سوء، ويأتي آمنا يوم القيامة!
{وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} القَوا جزاء أعمالكم الشريرة من الكفر والعصيان والجحود.


غير ذي عوج: مستقيم على الحق، لا اختلاف فيه. متشاكسون: مختلفون يتنازعون. سلما: خالصا لسيد واحد لا ينازعه فيه احد. ميت: ستموت. وميْت باسكان الياء: الذي مات. تختصمون: تتجادلون.
ثم يعرض الكتابُ حال المكذّبين لرسول الله ويذكر ما جرى للمكذّبين من الأمم الماضية قبلهم لعلّهم يتعظون ويرجعون عن كفرهم وجحودهم. ان بعض الأمم الماضية كذّبت رسُلَها في الدنيا فأتاها العذابُ نم حيث لا تَحتسِب ولا يخطر لها على بال.
فأذاقهم الله الذلّ والصَّغار في الدنيا، وفي الآخرة ينتظرهم العذاب الاكبر {لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ} ولكنهم عن ذلك كله غافلون.
ولقد بينّا للناس في هذا القرآن من كل مثل يذكّرهم بالحق {لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}، وأنزلناه قرآنا عربياً بلسانه ليفهموه، ولكنه إنسانيُّ للناس كافة لا يحدُّه ومانٌ ولا مكان. وهو {عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} بل مستقيم في مبناه ومحتواه.
وبعد أن ذكر الحكمة في ضرب الامثال للناس، جاء بمثل هنا فيه عبرة فقال: {ضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الحمد للَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}.
ان المشرك الذي يعبد اكثر من إله هو أشبه بعبدٍ مملوك لجماعة مختلفين متشاكسين فيه فلا يتفقون على شيء، ولا يستطيع هو تلبية طلبات الجميع.
اما المؤمن الموحِّد الذي يعبد إلهاً واحداً فهو أشبه ما يكون بعبد يمتلكه رجل واحد، فالاثنان لا يستويان ابدا. الحمد لله على إقامة الحجة على الناس، ولكن أكثرهم لا يعلمون الحق.
ثم بين الله تعالى ان مصير الجميع اليه، وان النبي الكريم ميت وهم ميتون، وانهم يختصمون يوم القيامة بين يديه وهو الحَكَم العدل، يجازي كلاًّ على ما قدم.
قراءات:
قرا ابن كثير وأبو عمر: {ورجلا سالما} بمعنى خالصا. والباقون: {سَلَما}.

1 | 2 | 3 | 4 | 5